لا يختلف مفهوم العمل الحر عن العمل التقليدي في بعض النواحي، ففي كلاهما أنت مُوظّف تُطلب منك مجموعة من المهام لإنجازها، وما يختلف حقيقةً هو بعض الصلاحيات والمسؤوليات. في العمل الحر أنت سيّد نفسك وأنت صاحب القرار ولست مُضطرًا لاتباع الكثير من الضوابط، فالتركيز أولًا وأخيرًا على الإنجاز وليس على الكماليات والبروتوكولات الزائفة.
لا تنسى أنك في كلاهما أنت قابل للاستبدال، فهناك المئات من الأشخاص بنفس المؤهلات والخبرة ويُمكن التعاقد معهم في أي وقت لإنجاز ما تقوم به. هذه المُشكلة بسيطة الحل، مفتاحها الأساسي يبدأ بالتفكير خارج الصندوق، قد نتشابه في المُؤهلات والخبرة، لكن طريقة التفكير داخل العمل هي التي تجعلك غير قابل للاستبدال.
كُن جزء من منظومة العمل
يتحدث الكاتب سيث جودين في كتابه Linchpin عن طريقة تفكير جديدة يُمكن اعتمادها لكي تُصبح غير قابل للاستبدال.
ففي العادة يبدأ العامل يومه مُنتظرًا المهام للقيام بها، وبإنجاز هذه المهام يظن أنه يكتسب المزيد من الأهمية، لكن هذا هو التفكير الخاطئ. كونك شخص قادر على إتمام المهام لا يجعل منك ذلك الشخص الفريد من نوعه، فمئات الأشخاص موجودون ليحلّوا محلك بعد فترة تدريب لا تتجاوز الثلاثة أشهر في مُعظم الحالات.
لكن لتكون جزء لا يتجزء من منظومة العمل عليك أن تخلق المهام بيدك وتغوص أكثر في تفاصيل العمل للوصول إلى تلك المرتبة التي لا تسمح لأحد بالاقتراب منك. هذه القاعدة تنطبق على العمل الحر والعمل التقليدي دون أي اختلاف، فكونك مُستقل لا يعني فقط أنك تحتاج إلى تنفيذ المشروع والمُضي قدمًا في الحياة.
حاول دائمًا أن تتعرّف أكثر على صاحب المشروع، افهم رؤيته وطبيعة عمله وحاول مشاركة الأفكار معه.
ما هو معنى أن تكون غير قابل للاستبدال
بالنظر إلى سوق العمل الحر والحديث مع بعض المُستقلّين الناجحين، كانت أفكارهم دائمًا ما تتمحور حول جميع القيّم التي يُمكنهم تقديمها أثناء العمل على المشاريع.
جميعهم تحدثوا عن المتعة في العمل على مشاريع جديدة في كل فترة، لكن هذه المتعة لا يُمكن أن تكون فقط في إنجاز المشروع، بل تتجاوزه لتشمل بقية المهارات التي يتمتع بها كل مُستقل.
مُشاركة الخبرات والمهارات الإضافية هي السبيل الذي مهّد الطريق أمامهم للعمل على مشاريع أكبر مع التركيز دائمًا على قيمة العمل نفسه وليس القيمة المادية التي يُمكن الحصول عليها.
ذكّر أحد المُبرمجين المُستقلين أنه كان يذهب للشركة التي تعاقدت معه بشكل مُتكرر لإطلاع العميل على آخر تطورات العمل، ثم لاحظ وجود مشكلة في الشبكة الداخلية للشركة.
لم ينتظر صاحب الشركة ليسأله ما إذا كان يمتلك خبرة في هذا المجال، بل قام مُباشرةً بشرح أساس المُشكلة وقدّم حلولًا لها، وهذا بدوره اكسبه احترام صاحب العمل وثقته، وأصبح المُوظّف الوحيد في الشركة الذي يتقاضى راتبًا ثابتًا دون العمل داخل مقر الشركة.
اقرأ أيضًا: ثلاثة مخاوف من العمل الحر يجب التخلّص منها
إذاً، كيف تُصبح مستقلاً مميزًا وفريدًا ؟
لا يُمكنك مُحاولة الإدعاء أنك غير قابل للاستبدال، لأن إنجاز هذا الشيء يُمكن بطريقة واحدة فقط. يُمكن القيام بذلك من خلال إضافة القيم للشركة التي تعمل معها، يجب أن تُركّز دائمًا على تعلم مهارات جديدة أثناء تنفيذ المهام، ولا تعتمد على فكرة أن مهاراتك ستكفيك لوقت طويل.
يجب عليك البحث عن المشاكل الموجودة في منظومة العمل والتوجه إلى حلّها، فعلى سبيل المثال عندما يتعاقد معك صاحب المشروع لتصميم موقع له، قد تظهر مشاكل عند معاينته للعمل من حاسبه، المُشكلة قد تكون من المُتصفح نفسه، فهو يستخدم اصدار قديم جدًا لا يدعم تقنيات الويب الحديثة.
لذا استفسر عن المُشكلة، حاول فهمها وحلّها وأضف قيّم جديدة لصاحب المشروع، لأن تبادل الخبرات يوسّع هذه العلاقة ويجعلها متينة وتُفيد الطرفين في النهاية.
تخلّص من فكرة التوقعات ولا تنتظر التقييم الإيجابي من أحد، لا تجعل العمل كُله أو الخدمات التي تُقدمها من أجل مُقابل مادي، بل انتظر قيمة العمل لتتحدث عن نفسها وتجعل صاحب المشروع من تلقاء نفسه يُقدّر ما قُمت به لهذه الشركة. لتصبح مُستقلاً مُتميّز يجب أن تختلف في طريقة التفكير، فأي مُستقل بإمكانه إتمام نفس المشروع، إنجازه وتسليمه في الوقت المُحدد، ثم يتقاضى المبلغ المُتفق عليه وتنتهي الحكاية.
لكن عندما تُفكر في نشر أعمال ذات قيمة أثناء تنفيذك للمشروع، يُمكنك حينها أن تصبح مُستقلاً مُتميّزاً، وتحصل بذلك على سمعة جيّدة تُبقيك فوق دائرة المُنافسة وتُوفر عليك وقت وعناء البحث عن مشاريع لتنفيذها بشكل مُستمر.
التفكير في أن تكون جزء حيوي في أي مشروع تعمل عليه له جمالية خاصّة، فهي تؤهلك دائمًا للنمو والتوسّع لأنك تُلاحظ المشاكل المُحيطة وتقترح حلولًا لها.
قد لا يتم تقدير هذه الروح في أحد المشاريع، لكن في النهاية اكتسبت كمُستقل مهارات جديدة تُساعدك مُستقبلًا عند العمل على مشروع جديد.
في النهاية، لا تجلس خلف حاسبك مُنتظرًا المهام أن تأتي إليك، بل بادر أنت في إضافة قيّم جديدة للمشروع، وعندما تتمكن من إضافة كمية كافية من القيّم، عندها تُصبح ذلك الشخص الغير قابل للاستبدال في أي منظومة عمل.
المصدر: مستقل