مشكلة تنظيم الوقت تواجه كل من يعمل على الإنترنت، فقد شكلت الإنترنت الآن – بجانب كونها منصة للعمل ولاسيما العمل الحر Freelancing – مصدر لا ينفذ لكافة الملهيات ومدمرات الوقت.
من خبرتي في العمل الحر كمستقل Freelancer واجهتني عدة عقبات تتعلق بالوقت، وتعرضت بسببها للكثير من المواقف المحرجة مع عملائي، وخسرت بعض العملاء بالفعل بسبب سوء تنظيم الوقت.
فإن لم يستطع المستقل في بيئة العمل الحر – أو من يعمل على الإنترنت بصفة عامة – السيطرة على الوقت، فربما يتعرض للكثير من المشاكل التي ستؤثر حتمًا على استمراريته في عمله.
العناصر المذكورة في هذا الموضوع ليست وجهات نظر شخصية أو منقولة أو مترجمة، بل واقع خبرته واعترضني وبحثت وبذلت مجهودًا حتى أمكنني التغلب عليه.
1- العبرة ليست بالانشغال ولكن بالإنتاجية
“ليس لديّ وقت .. أنا مُنْشَغِل .. إذن أنا شخص مُنْتِج”
ما هي رؤيتك لهذه الجملة؟ هل تظن أنها صحيحة؟
هناك خدعة لا ينتبه إليها الكثير ممن يظنون في أنفسهم حسن إدارة الوقت، وهي أنهم يحسبون أن إدارة الوقت تعني “ملء الفراغات” ويتغافلون عن قضية “زيادة الإنتاجية”.
المقصود بملء الفراغات هو أن تظل منشغلاً بشكل دائم، بغض النظر عن مقدار الإنتاجية، بينما المقصد الحقيقي لاستغلال الوقت بشكل فعّال هو أن توظف الساعة لتُخرج لك إنتاجية ساعة كاملة من العمل.
المترجم الذي يعلم قدرته على ترجمة 1000 كلمة في الساعة، يجب أن تكون إنتاجيته بعد 3 ساعات من العمل المتصل هي ترجمة 3000 كلمة. فإذا وجد الرقم أقل من ذلك – مثلاً 1500 أو 2000 كلمة – ولا يزال في نفس الوقت منشغلاً أمام حاسوبه، فهو فعليًا يعاني من مشكلة تركيز ذهنه في العمل.
وإذا وجد عكس ذلك – أي زيادة في الإنتاجية في نفس الوقت – فمعنى هذا أن كفاءته قد زادت أو أنه لم يكن يقدر نفسه حق قدرها.
عملنا على الإنترنت يعرضنا للكثير من الملهيات (ألعاب، شبكات اجتماعية Social Media، دردشة Chat، … الخ) فإن لم تستطع تحديد معيار ثابت لإنتاجيتك، فستقع حتمًا في فخ “أنا منشغل” ولكن سيغيب عنك عنصر الإنتاجية.
2- اعتمد نظام المخزون الغذائي what comes first, goes first
المواد الغذائية كافة ترتبط بتاريخ لانتهاء الصلاحية Expiry Date ولهذا يعمد أي مدير مخازن إلى اتباع سياسة “ما يأتي أولاً، يُصرف أولاً”.
أي أنه إذا استقبل مدير المخازن 3 شحنات من اللحوم المعلبة فور إنتاجها، بمعدل شحنة كل شهر، فإنه يقوم بترتيب كل شحنة في المخزن بطريقة معينة بحيث يتم صرف الشحنة الأولى، قبل الثانية، قبل الثالثة، وذلك بالطبع حتى لا يصرف شحنة تاريخ انتهاء الصلاحية أبعد من الشحنة التي مازالت بالمخازن.
ترجمة هذه القاعدة التخزينية في عملنا، هي أن تراقب المواعيد النهائية للتسليم Deadline، وتقوم بتسليم العمل المطلوب منك بناءًا على الأقرب فالأبعد.
وبصفة عامة كلما رتبت المشاريع بمبدأ تخزين المواد الغذائية “ما يأتي أولاً يُصرف أولاً” ستشعر بالكثير من الاستقرار والنظام في تنظيم وقتك وعملك كمستقل.
أقرأ أيضاً: 5 أشياء يمكنك فِعلها حتى تحافظ على حماسَك للعمل
3- بَكِّر الموعد النهائي للتسليم Early Deadline
الأمور لا تسير دومًا بالسيناريو الذي تتمناه. قد تكون هناك بعض الملاحظات التي تتطلب إعادة التعامل مع المشروع، وربما بشكل مكثف. لا تظن أن ميعاد التسليم الذي اخترته أنت هو الميعاد النهائي، فستكون هناك مراجعات ومناقشات تتطلب المزيد من العمل.
ترجمة هذا في عملنا تعني المزيد من الوقت المهدر في نفس المشروع، وهو وقت ليس له قيمة مضافة، لأنك في النهاية تتقاضى نفس الأجر – أجر المشروع القائم بالفعل – بالإضافة إلى احتمالية تأخير المشاريع الأخرى.
لذلك قم بتسليم مشروعك مبكرًا بقدر ما تستطيع، واعط عميلك فرصة مراجعة المشروع، وفرصة لك في حالة تطبيق بعض التعديلات.
شخصيًا، أقوم مع عملائي بتقسيم “جدول تسليم العمل” إلى 4 مراحل، تعطي لي مساحة من الأمان، وتوفير الوقت، على النحو التالي:
1- تسليم نسخة مبدئية من المشروع ليطلع عليها العميل (نسخة مصغرة، تخطيط مبدئي، خطة عمل، ملخص، … الخ) ..
هذه الخطوة لأهميتها تحتاج إلى وقفة خاصة ..
هب أنك بذلت ما في وسعك لإخراج مشروع ما على النحو الذي تراه أنت جيد، ولكن حينما قام العميل بمراجعته لم يرق له الشكل الذي عليه المشروع، وطلب منك تعديله بالكلية. هذا يعني أن الوقت الذي صرفته بالكامل في إنتاج هذا المشروع – مدفوعًا بحماستك – قد ذهب أدراج الرياح. أي وقت ضائع ليس له مردود.
بدلاً من ذلك، قم بعرض أفكارك بشكل مختصر، ودع القرار للعميل. فإن وافق قم بالتنفيذ على الفور بناءًا على مقترحاته ونصائحه، وإن رفض، فقد رفض نموذج مختصر لم يأخذ منك وقتًا، وتستطيع حينها تقديم نموذج آخر.
2- تسليم النسخة الأولى من المشروع وإعطاء العميل فرصة للمراجعة، وطلب بعض التعديلات الرئيسية.
3- تسليم النسخة الثانية من المشروع بعد تطبيق تعديلات العميل الرئيسية، وإعطاءه فرصة أخيرة للمراجعة واقتراح بعض التعديلات / الرتوش البسيطة.
4- تسليم النسخة النهائية من المشروع بعد تعديل الرتوش المطلوبة.
4- تعامل مع مشروع واحد في المرة الواحدة
في الواقع، هذا العنصر لا يعالج مسألة الوقت فحسب، ولكنه كذلك يعالج مسألة التركيز، وبالتالي الجودة، وحسن إخراج العمل.
فتح عدة مشاريع في وقت واحدة لا يعني بالضرورة أنك شخص محترف، وتستطيع تحمل عبء التعامل مع تلك المشاريع كافة، بل قد يعني أنك مشتت، أو تشعر بالملل، ولكن اعلم أن عنصر ضياع التركيز سيؤثر على إنتاجيتك ككل.
لذلك إذا اقتحمت عملك بعض الملهيات الأخرى، حتى ولو كانت مهمة مثل مكالمة عمل، طلب مشروع جديد، مهمة شخصية أو أي شيء آخر، قم على الفور بكتابتها كملاحظة على ورقة جانبية، والصقها على مكتبك أو شاشة حاسوبك حتى تتذكرها حينما تفرغ من العمل.
انظر في جدول تسليم المواعيد .. اختر أقرب المشاريع من حيث ميعاد التسليم .. ضع لنفسك ميعاد نهائي Deadline خاص بك أنت للانتهاء منه .. ابدأ على الفور .. قم بالتركيز فيه .. تجاهل الملهيات .. مبارك .. لقد نجحت.
تنظيم الوقت في عملك على الإنترنت هو الفيصل في مسألة رضاء عملائك عنك، وبالتالي استمراريتك في السوق الخاص بك.
هل يوجد لديك المزيد من النصائح الإضافية التي ترغب في إضافتها بخصوص إدارة وتنظيم الوقت لمن يعمل على الإنترنت؟
المصدر: مستقل