قرار ترك الوظيفة والاتجاه إلى العمل الحر من أصعب القرارات التي قد تتخذها بحياتك، خاصة إذا كنت بوظيفة مريحة وتوفر لك الأمان المادي وبعض الامتيازات التي نادرًا ما يجدها غيرك.
الاتجاه إلى العمل الحر هنا أشبه بتغيير حياة بأكملها، هو في الحقيقة ليس “أشبه”، بل هو تغيير لحياتك بالفعل، فمن مهام واضحة وتكاد تكون ثابتة يوميًا، إلى مهام كثيرة وطارئة وجديدة بكل مشروع تنفذه ..
من العمل 9 أو 8 ساعات يوميًا تبدأ من التاسعة صباحًا وتنتهي الثانية ظهرًا في أغلب الشركات والوظائف الثابتة، إلى العمل في أي وقت وبعدد ساعات غير محددة قد تصبح ثلاث ساعات أحيانًا وفي أيام أخرى تتعدى 16 ساعة.
لست هنا لأصيبك بالذعر، لكن هذه هي الحقيقة، لكل شيء جانب مظلم يجب أن تمتلك الوسائل والخطة المناسبة للتعامل معه، لذا دعني أخبرك بسبعة أشياء يجب أن تفعلها بحرص قبل الانتقال للحرية والعمل الحر بنجاح.
1- جهّز خطتك المالية
ها أنت قد قررت ترك وظيفتك فقد مللت كل شيء بها وتريد الانطلاق، النفس مجبولة على التسرع، لذا فرويدًا، هل سألت نفسك عن عواقب فعل أمر مثل هذا على نفقات المنزل، الفواتير الشهرية، زوجتك، أبنائك. عندما تقرر مثل هذه الأمور ربما تكتشف أنك تحتاج 6 أشهر إضافية حتى تنتقل للعمل كمستقل بدوام كامل، لا مشكلة.
حدد فترة مناسبة لتدبر أمورك المالية، مثلا أنت ستحتاج لتوفير مبلغ من المال تعيش به في الفترة الأولى من البحث عن العملاء وإنجاز مشاريعك الأولى بالعمل الحر، ستحتاج مبلغ يسدد الفواتير في هذه الفترة، ربما تحتاج لتوفير مبلغ مناسب أيضًا للطوارئ.
حدد هذه الأمور بعد اتخاذك قرار ترك الوظيفة. اجلس جلسة مع نفسك وقم بعمل ملف إكسل بكل هذه الاحتياجات المالية، فستفيدك جدًا في الشهور الأولى من التقديم على المشاريع وتأسيس مهنة عمل حر.
2- تعلم التسويق
ربما تمتاز وظيفتك الثابتة بعمل أمور ومهام تخصصية جدًا، مثلًا أنت كمبرمج او مصمم بشركة ما، كل ما يحدث أنك تُكلف بمهام البرمجة أو التصميم ثم تقوم بتسليمها، نهاية الشهر تستلم مرتبك .. نهاية القصة.
الأمر مختلف تمامًا بالعمل الحر، كنت تعمل بشركة الآن أنت الشركة، يتطلب منك الأمر معرفة ببعض أساسيات التسويق الشخصي على الإنترنت، مثل الاهتمام بصفحتك الشخصية على منصات العمل الحر، الاهتمام بمعلوماتك الشخصية على الشبكات الاجتماعية، خاصةً لنكدإن، عمل موقع أو مدونة ولو مجانية لنشر أفكارك وخبراتك مع الآخرين.
ليس هذا فحسب، تعلم كيفية جذب العملاء الجدد، وأمور أخرى كثيرة، وقد تجد أغلب هذه الأمور مشروحة بالتفصيل بأكاديمية حسوب قسم العمل الحر.
3- جهّز منزلك للعمل
مسألة المكان في الوظيفة الثابتة متاح وسهل، عملك كمستقل يتطلب منك بيئة مشابهة، ويوجد أمامك عدة أماكن للعمل منها، لكن أيسرها هو المنزل، لذا فإن تهيئة بيئة العمل في المنزل من الأمور الهامة حتى تستطيع مزاولة عملك بانسيابية تامة ودون التعرض لإزعاجات.
حدد مكان مناسب من حيث الإضاءة وبعيدًا عن الإزعاج، ضع فيه مكتبك، اطبع لافتة مكتوب على وجه منها “أعمل” والوجه الآخر “أنا بالمنزل”، وضعها على باب مكتبك، طبعًا يمكنك تغيير هذه الجمل طبقًا للأشخاص الذين تعيش معهم.
أغلق هاتفك أثناء العمل أو خصص خط خاص بالعمل وآخر خاص بالعائلة والأصدقاء، وأخبر الجميع أنك لازلت تمتلك تلك المواقيت التي تحتاج فيها للتركيز والإنجاز، وإشارة واضحة أنه ليس معنى أنك تعمل بالمنزل أنك متاح في أي وقت.
هذه الأمور ستسهل عليك كثيرًا في فترة ترك الوظيفة و العمل الحر الجزئي وبعد ذلك بعد الانتقال للعمل الحر بشكل كامل، قد تحدث بعض المناوشات الصغيرة مع أصدقائك أو زوجتك لكن سريعا ما سيألفون على الأمر.
4- وجه العملة الأول للعمل الحر هو الوقت
اطبع هذه الجملة وضعها أمامك، كلما كانت إدارة الوقت بكفاءة أعلى، فستستطيع إنجاز مشاريعك أسرع وبجودة ممتازة، الأمر يعود إليك، التعود على نظام عمل ناجح قد يأخذ معك شهر أو اثنين على الأكثر من التجارب والتحسين، لكن بالنهاية ستعرف كيفية إدارة وقتك بشكل ممتاز.
ستحتاج في الفترة القبلية للانتقال للعمل الحر أن تخصص جزءًا يسيرا من وقتك (3-4) ساعات تنجز فيها مشاريع جانبية بجوار عملك الثابت، والغرض من هذه الفترة هو التعود قليلًا على نمط حياة المستقل، اختبار السوق.
ربما يجد الكثير صعوبة في توفير هذا الوقت بجانب العمل الثابت، لكنه ضروري. والصبر لعدة أشهر على هذا الحال سيعلمك الكثير وستجد نفسك احترفت -دون أن تشعر- نمط المستقل، لذا عند تركك وظيفتك ستصبح الأمور على مايرام.
صنّف وقتك وحدد لكل تصنيف وقتًا أقصى وأدنى، فمثلًا البحث عن المشاريع وكتابة عرض جيد ربما يحتاج (1.5 – 2) ساعة على الأكثر، مراجعة البريد والرد على الرسائل تحتاج مثلًا 10 دقائق. العمل على المشروع والإنجاز يجب أن يأخذ نصيب الأسد من وقتك ويتراوح من 6- 10 ساعات على حسب عدد المشاريع ومدى صعوبتها. التسويق ربما ساعة باليوم كافية. وهكذا.
5- الوجه الآخر للعملة هو المال
الوجه الآخر لعملة العمل الحر هو المال، وما أقصده هنا هو القدرة على إدارة أرباحك ونفقاتك بشكل جيّد، فتقلب الأمور المالية من أهم المشاكل التي يجب أن تتعامل معها، لذا فنصيحتي لك في الفترة الانتقالية أن تدع مرتبك الثابت جانبًا وتتعامل مع الأرباح التي تحققها من المشاريع الجانبية التي تعمل معها بشكل مصغر، بمعنى أنه عند الانتقال للعمل الحر بشكل كامل سيصبح هذا حالك.
إذا كنت تجني من تلك المشاريع الجانبية (س) من الأرباح، وكان راتبك من الوظيفة الثابتة (ص)، وبفرض أن (س = 0.3 ص) فماذا يمكن أن تفعل حتى تحصل على المعادلة (س = ص) قبل الانتقال الكامل للعمل الحر.
هذا التفكير سيعطيك صورة جيدة عندما تصبح مستقلًا ويكون راتبك الأساسي هو أرباحك من العمل الحر (س)، ويكون بمخططاتك أشياء تريد فعلها، كشراء لابتوب جديد أو عمل رحلة لعائلتك بمبالغ (ع، م، ن …). ببساطة فكّر كيف تزيد من أرباحك، وتقلل من نفقاتك.
عندما تصبح مستقلًا بصورة كاملة فكّر في طريقة الربح المستدامة Passive income لأن هذا ما سيزيد من نجاحك المالي في العمل الحر.
6- اصنع انطباعاً جيّداً مع أصحاب المشاريع الأولى
(الناس > العمل) لماذا؟ لأن العمل أساسًا قائم على وجود حاجات ورغبات الناس، لذا إذا استطعت أن تكسب ثقة زبائنك، فأنت بذلك تضمن نسبة جيدة ستتعامل معك مرة أو مرات أُخر، لذا فمهارات التواصل، وفن الاعتذار، تقديم الجودة، كل هذا معناه مشروع تم بنجاح، أيضًا يعني بناء هويتك التسويقية الشخصية Personal Brand.
في المشاريع الأولى التي تقوم بتنفيذها احرص على توفير ما سبق، وحاول ألا يتدنى مستوى تواصلك وعملك مع الزبائن عن ذلك، بل واصل العمل والتطوير دائمًا.
7- تعلم كأنك مولود البارحة
من فرط أهمية هذه النصيحة لأي مستقل سأدعها هكذا دون سرد كثير أو شرح، لأنك إذا لم تعمل بها فستتحمل عواقب ترك وظيفتك بدون قابلية التعلم المستمر.
مرت المرحلة الانتقالية، مبارك عليك أنت الآن مستعد لترك وظيفتك والانتقال للعمل الحر بشكل كامل، مرحبا بك مستقل بين جموع المستقلين ونتمنى لك التوفيق.
فقط لا تنسى أن تشاركنا نصائحك إذا كنت تركت وظيفتك بالفعل أو إذا كنت تعمل على خطة لترك وظيفتك والعمل كمستقل.
المصدر: مستقل